منشأ بدعة هدم القبور لدى يهود هذه الأمة (( الوهابية ))
يهود هذه الأمة (الوهابيون التكفيريون) كانت ولا تزال لهم محاولات يائسة من أجل إخماد ثورة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) والسؤال الأزلي القائم عن علة خفاء قبر الزهراء (ع) حيث تعمدت (ع) أخفاء قبرها ليتسائل المسلمون جيلاً بعد جيل عن علة خفاء قبرها والسبب ورائه؟ ومن هم أعدائها، ومغضبيها وغاصبي حقها؟ بعد أكثر من ألف عام على نشوب هذه الثورة الطاهرة ((ثورة السؤال عن خفاء قبر الزهراء (ع))) سن أرباب هذا المذهب المنحرف عن الجادة– الوهابيون أخزاهم الله - مسألة هدم القبور وابتدءوها بهدم قبور أئمة البقيع (ع) وقبور باقي الصحابةوالتابعين المدفونين في أرض البقيع بحجة درسها حسب ما اجتهد به علماء الضلالة فسويتأكثر القبور بالأرض وخفي الكثير منها، ولو سألنا أنفسنا على أي حجة استندوا وبأيدليل استدلوا وهم يعلمون كل العلم أن مسالة زيارة القبور مسالة مباحة وكذلك مسألةالتبرك بقبور الأنبياء والصالحين بل وأن الأدلة على أباحتها مسطورة في الكتب التييعتمدونها؟ إذن في محاولة منهم لقتل السؤال القائم (أين قبر الزهراء(ع)) فعندما تختفي قبور مشاهير الصحابة ينتهي تدريجياً السؤال عن بقية القبور وينتهي جزء كبير ومهم من أسباب قيام ثورتها وهو علة إخفاء قبرها (ع) وينتهي السؤال الذي كان يطرحه الشعراء الموالون لأهل البيت (ع) كقول الشيخ الأزري:
ولأي الأمور تدفن ليلاً بضعة المصطفى ويعفى ثراها
من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
إن الأفكار والعقائد الوهابية كان إبتداعها على مرحلتين,
الأولى: هي إبتداعها من قبل ابن تيمية, لكنها كانت أفكاراً منسية, ولم تأخذ لها أي أثر بين المذاهب والفرق الاسلامية, وإنما كانت مجرد شبهات أثارها ابن تيمية ضد الشيعة, وكادت أن تذهب لولا إحيائها مرة أخرى,
والثانية: إِنَّ محمد عبد الوهاب بعد أن درس الفقه الحنبلي -كما تقدم ذكره- عمد إلى إعادة أفكار ابن تيمية فاستمد جذور اعتقاداته الفاسدة منها, مضافاً الى دراسته الأخرى, فأيقض فتنةًَ أكل الدهر وشرب عليها.
ومن تلك الأعتقادات الباطلة, هدم الأضرحة المقدسة للأئمة الأطهار(عليهم السلام) بأدلة واهية لا تصلح أن تكون دليلاً على ذلك, منها:
ما رواه مسلم في صحيحه عن وكيع, عن سفيان عن حبيب بن ابي ثابت, عن أبي وائل, عن ابي الهياج الأسدي, قال:
>قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله'أن لاتدع تمثالاً إلاّ طمسته ولاقبراً مشرفاً إلاّ سوّيته( ).
* وجه استدلالهم بالحديث:
إن الوهابيين اسندوا هذا القول لأمامنا علي(عليه السلام) ليعتبره حجة دامغة علينا ! ... باعتبار أن الشيعة لا يقدحون بما عن إمامهم وقد قال هكذا >لا قبراً مشرفاً إلاّ سويته<.
ثم أَنّهم زعموا بأن الاستدلال به واضح من معنى سويته, بان يكون المراد منه تسويته بالأرض لا غير, فيكون المعنى:
>أي لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته ولا قبراً ((عالياً)) إلاّ سويته ((بالأرض)).
* بطلان الأستدلال المذكور:
إن بطلان استدلال هؤلاء المنحرفين, يتضح من خلال مناقشة الرواية سنداً ودلالةً.
1- مناقشة السند: إن الأربعة الواقعين في سند هذه الرواية؛ وهم (وكيع, سفيان, حبيب, أبو وائل) هم ممن ضعفهم علماء الرجال( ).
فالأستدلال بهذا الحديث باطل لضعف سنده, ثمَّ لو سلَّمنا بعدم القدح بهؤلاء -مع إنه ثابت فيهم-, فيكفي في ضعفه أن مسلم رواه بسند متصل عن أبي الهياج الأسدي, يرفعه إلى علي(عليه السلام), وليس لهذا الرجل في الصحاحات والسنن غير هذا الحديث, فكيف يمكن ان يستدل به.
2- دلالة الحديث: إن الحديث المذكور لا يدل على المطلوب, ويظهر ذلك من خلال بيان المفردتين اللتين استدلا بهما هؤلاء, وهما:
(قبراً مشرفاً, سويته).
المعنى:
1- مشرفاً: ذكر (الشرف) في القاموس المحيط بمعنى: العلّو.
وفي مجمع البحرين( ): وعَلاَ عُلُوّاً من باب قعد: إرتفع, فهو عال, هذا هو المعنى العام, وأما الخاص فمده: >عَلاَ في المكان يَعْلوُ عُلُواً<.
وفي القاموس أيضاً: ومن البعير سنامه.
ومن هنا يظهر أن كلمة >مشرفاً< لها معنيان (عام مطلق, وخاص) فلتعيين أحد المعنيين نحتاج إلى قرينة, ليتحصل بها المعنى المراد, وسيأتي دلالة القرينة على أحدهما, وهي السائدة آنذاك.
2- سويته: قال في مجمع البحرين: قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ}( ).
أي عدّلت خلقته وأكملتها ... ومثله {فَخَلَقَ فَسَوَّى}( ).
فإنها من التسوية, وهي عبارة عن >التعديل< والوضع والهيئة التي عليها الشيء( ).
بعدما إتضح لنا جلياً معنى هاتين المفردتين الواردتين في الحديث المذكور؛ ظهر ضعف سنده, فلنأتي ونطبق المراد منه, -بعد التسليم بصحة السند- على هذا التفسير لهاتين الكلمتين -مشرفاً, وسويته-
أما بالنسبة للأولى, فتوجد قرينة تساعد على إنطباق المعنى الخاص؛ وهو حمل المشرف على التسنيم, بدليل أن تسنيم القبور كان سائداً آنذاك, فأمر الإمام علي(عليه السلام) بعلاج هذه البدعة من خلال تسطيح القبور, وقد نهي النبي الأعظم' عنها( ), بل عمل بخلاف المتعارف عند الجاهلية من تسنيم القبور عندما دفن إبنه ابراهيم, فسطح قبره قال في ارشاد الساري:
>وإنَّما صار التسنيم بدعة والتسطيح سنة؛ لأن النبي لما دفن إبنه ابراهيم سطّح قبره ولم يسمّه<( ).
وأما الثانية, فواضح انها تعني تسوية القبر وتسطحيه, لما ذكر في المجمع وتقدم، ومنه يتضح بطلان الأستدلال بهذه الرواية, وغيرها( ), على هدم الأضرحة المقدسة.
*: الدليل على بطلان هدم الأضرحة في القرآن الكريم وجواز البناء:
في قصة أصحاب الكهف يصرح القرآن الكريم, أن الناس لما وقفوا على مراقد أصحاب الكهف أجتمعوا على تكريمهم, لما بلغوا من التدين -وهذا المقام من الله تعالى- فبين قائل بالبناء عليهم, وقد جاء في قوله تعالى: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا}.
وبين قائل بالبناء عليهم مسجداً لاتخاذه مرقداً, وللتبرك فيه {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}( ).
فلو لم يكن ذلك جائزاً لا يمكن أن يذكره القرآن الكريم وينص عليه بعبارات صريحة, بل لأستنكره حين ذكره, والحال ليس كذلك.
جواز البناء في قصيدة أدبية:
لله در العلامة السيد محسن الأمين&, حيث جسّد لنا مشروعية البناء على القبور, وتشييد الأضرحة المقدسة, ومدى الأهتمام بها على مرَّ العصور, قبل ابن تيمية وابن الوهاب, اللذان أبتدعا هدم العتبات المقدسة والأعتداء عليها وإنتهاك حرمتها, حيث قال:
مضت القرون وذي القبا مشيّدة
والناس بين مؤسس ومجدد
في كل عصر فيه اهل الحل والعقد
الذين بقبرهم لم يعقد
لم ينكروا أبداً على مَنْ شادها
شُيّدت ولا من منكر ومفند
من قبل أن تلد ابنها تيمية
أو يخلق الوهاب بعض الأعبد
أفأي إجماع لكم أقوى على
أمثاله من مورد لم يورد
فبسيرة للمسلمين تتابعت
في كل عصر نستدل ونقتدي
أقوى من الأجماع سيرتهم ومن
قد حاد عنها فهو غير مسدد